Imam Bukhari
Home » Imam Bukhari
اسمه ونسبه
هو الإمام، العلم، الفرد، تاج الفقهاء، عمدة المحدثين، سيد الحفاظ، إمام المسلمين قدوة الموحدين، شيخ المؤمنين، المعول عليه في أحاديث سيد المرسلين، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردز به الجعفي ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة (١٩٤ هـا ببخارى.
. وجده بريز به يفتح الباء الموحدة وسكون الراء المهملة وكسر الدال المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها هاء (هذا هو المشهور في ضبطه)، و«بردزبه بالفارسية الزراع. وكان بردزبه فارسياً على دين قومه، ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجعفي، وأتى بخارى فنسب إليه نسبة ولاء، ولذا قيل له: الجعفي، وأما ولده إبراهيم بن المغيرة فقد سكت عنه التأريخ.
. وأما والده الله فقال تاج الدين السبكي: كان والده أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم من العلماء الورعين سمع مالك بن أنس ورأى حماد بن زيد وصافح ابن المبارك بكلتا يديه، وحدث عن أبي معاوية وجماعة، روى عنه أحمد بن حفص وقال: دخلت عليه عند موته فقال: لا أعلم في جميع مالی در هما من شبهة. قال أحمد بن حفص: فتصاغرت إلي نفسي عند ذلك. نشأته:
. فتح الإمام البخاري بالله عينيه في أزهى عصور الإسلام وفي بيئة عريقة في العلم والصلاح، ونشأ في جو علمي صالح. ومات إسماعيل ومحمد صغير، فنشأ في حجر أمه، ثم حج مع أمه وأخيه أحمد وكان أسن منه، فأقام هو بمكة مجاورا يطلب العلم ورجع أخوه أحمد إلى بخاري فيات بها.
. نشأ البخاري يتيما وأضر في صغره. قال محمد بن الفضل البلخي: كان محمد بن إسماعيل قد ذهب بصره في صباه، وكانت والدته متعيدة، فرأت إبراهيم خليل الرحمن في المنام، فقال لها: إن الله تبارك وتعالى قدرة بصر ابنك عليه بكثرة دعائك. قال: فأصبحت وقد رد الله عز وجل عليه بصره. عبقريته في علم الحديث منذ الصغر:
. وكان رزقه الله تعالى العبقرية الفذة والنبوغ الخارق، فتجلت عبقريته من صغره في علوم الحديث النبوي من معرفة العلل وثقوب النظر وسرعة الخاطر والاستحضار المحير والتمييز بين الصحيح والسقيم والاطلاع على أحوال الرواة.
. كما ذكر هو نفسه مجيبا عن استفسار أبي جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي عنه: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب. قال: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره. وقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان عن أبي الزبير، عن إبراهيم ….. فقلت له: يا أبا فلان، إن «أبا الزبير» لم يروه عن «إبراهيم»، فانتهرتي، قلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل ونظر فيه ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي بن إبراهيم . : ، فأخذ القلم مني وأحكم كتابه فقال: صدقت. فقال له بعض أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة.
فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفتُ كلام هؤلاء. ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت رجع أخي بها وتخلفتُ في طلب الحديث. فلما طعنت في ثمان عشرة جعلتُ أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، وذلك أيام عبيد ) الله بن موسى وصنفتُ كتاب التاريخ» إذ ذاك عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة. وقال: قل اسم في التاريخ إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهت تطويل الكتاب.
. وقال حاشد بن إسماعيل: كان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل يختلف معنا إلى مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام وكنا نقول له: إنك لمختلف معنا ولا تكتب، فما معناك فيها تصنع ؟ فقال لنا بعد سنة عشر يوما إنكما قد أكثر تما علي والححتها، فاعرضا علي ما كتبتها. فأخرجنا ما كان عندنا فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكيم كتبنا على حفظه، ثم قال: أترون أني أختلف هدرا وأضيع أيامي ؟ فعرفنا أنه لا يتقدمه أحد.
. قال ابن أبي حاتم وراقه وكان أهل المعرفة من أهل البصرة يعدون خلفه في طلب الحديث وهو شاب، حتى يغلبوه على نفسه ويجلسونه في بعض الطريق، فيجتمع عليه ألوف أكثرهم ممن يكتب عنه. قال: وكان أبو عبد الله عند ذلك شابا لم يخرج وجهه. قال أبو جعفر : سمعت أبا عمر سليم بن مجاهد يقول: كنت عند محمد بن سلام البيكندي فقال: لو جنت قبل لرأيت صبيا يحفظ سبعين ألف حديث. قال: فخرجت في طلبه حتى لحقته، قال: أنت الذي يقول: إني أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: نعم، وأكثر ولا أجيئك بحديث من الصحابة والتابعين إلا عرفتك مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم، ولستُ أروي حديثاً من حديث الصحابة أو التابعين إلا ولي من ذلك أصل أحفظه حفظا عن کتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
. قال محمد بن سلام: كلما دخل علي هذا الصبى تحيرت والتبس علي أمر الحديث، ولا أزال خائفًا ما لم يخرج.
. وكان يقول البخاري: أحفظ مائة ألف حديث صحيح، وأحفظ مائتي ألف حديث غير صحيح. ذاكرته القوية المدهشة:
ومن أهم ما يميز شخصية إمامنا البخاري ه ه هي. ، حافظته الخارقة للعادة، قد ميزه الله سبحانه وتعالى بحافظة عجيبة كانت مضرب الأمثال. ويحكى أنه الله قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث، فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لاستاد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ودفعوا إلى عشرة أنفس، إلى كل رجل عشرة أحاديث، وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري، وأخذوا الموعد للمجلس.
فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرها ومن البغداديين. فلما اطمأن المجلس بأهله انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: الرجل فهم ومن كان منهم غير يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم.
ذلك
ثم انتدب رجل آخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة، فقال البخاري: لا أعرفه، فسأله عن آخر فقال: لا أعرفه، فسأله
عن آخر فقال: لا أعرفه، فلم يزل يلقي عليه واحدًا بعد آخر حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول: لا أعرفه ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة، حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على «لا أعرفه».
على
فلما علم البخاري انهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا، وحديثك الثاني فهو كذا، والثالث والرابع . الولاء، حتى أتى على تمام العشرة، فردَّ كلّ متن إلى إسناده وكلّ إسناد إلى منته. وفعل بالآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها و أسانيدها إلى متونها، فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل.
قال الحافظ: هنا يخضع للبخاري، فما العجب من رده الخطأ إلى الصواب فإنه كان حافظا! بل العجب من حفظه للخطأ على ترتيب ما ألقوه عليه من مرة واحدة.
وقال البخاري : تفكرت يوما في أصحاب أنس له فحضرني في ساعة ثلاث مائة.
رحلاته العلمية ومشايخه:
. وأول سماعه سنة خمس ومائتين [٢٠٥ هـا، و حفظ تصانيف ابن المبارك، وحبب إليه العلم من صغره وأعانه عليه ذكاؤه المفرط. . ورحل سنة عشر ومائتين [٢١٠ها وقال الذهبي في ذكر شيوخه:
سمع ببخارى قبل أن يرتحل من: مولاه من فوق عبد الله بن محمد بن ع بن جعفر بن اليمان الجعفي المسندي، ومحمد بن سلام
البيكندي، وجماعة، ليسوا من كبار شيوخه.
– ثم سمع يبلغ من مكي بن إبراهيم، وهو من عوالي شيوخه.
وسمع بمرو من عبدان بن عثمان وعلي بن الحسن بن شقيق، وصدقة بن الفضل وجماعة.
و بنيسابور من: يحيى بن يحيى وجماعة.
وبالري: إبراهيم بن موسى.
– ويبغداد إذ قدم العراق في آخر سنة عشر ومائتين من: محمد بن عيسى بن الطباع، وسريج بن النعمان، ومحمد بن سابق، وعفان. وبالبصرة من: أبي عاصم النبيل، والأنصاري، وعبد الرحمن بن حماد الشعيثي صاحب ابن عون، ومن محمد بن عرعرة، وحجاج بن منهال، وبدل بن المحبر، وعبد الله بن رجاء وعدة.
وبالكوفة من: عبيد الله بن موسى، وأبي نعيم، وخالد بن مخلد، وطلق بن غنام، وخالد بن يزيد المقرئ ممن قرأ على حمزة. ويمكة من: أبي عبد الرحمن المقرئ، وخلاد بن يحيى، وحسان بن حسان البصري، وأبي الوليد أحمد بن محمد الأزرقي، والحميدي. وبالمدينة من: عبد العزيز الأويسي، وأيوب بن سليمان بن بلال، وإسماعيل بن أبي أويس.
وبمصر: سعيد بن أبي مريم، وأحمد بن إشكاب، وعبد الله بن يوسف، وأصبغ وعدة. وبالشام أبي اليمان، وآدم بن أبي إياس، وعلي بن عياش، وبشر بن شعيب.
وقد سمع من: أبي المغيرة عبد القدوس، وأحمد بن خالد الوهبي، ومحمد بن يوسف الفريابي، وأبي مسهر، وأمم سواهم.
. وقد قال وراقه محمد بن أبي حاتم سمعته يقول: دخلت بلخ، فسألوني أن أملي عليهم لكل من كتبت عنه حديثا، فأمليث ألف حديث لألف رجل ممن كتبت عنهم.
. قال وسمعته قبل موته بشهر ، عن ألف وثمانين رجلا، ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل،
يزيد وينقص.
. قال الذهبي:
فأعلى شيوخه الذين حدثوه عن التابعين، وهم أبو عاصم، والأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى، وأبو المغيرة ونحوهم. وأوساط شيوخه الذين رووا له عن الأوزاعي، وابن أبي ذئب، وشعبة، وشعيب بن أبي حمزة، والثوري. ثم طبقة أخرى دونهم كأصحاب مالك، والليث، وحماد بن زيد، وأبي عوانة. والطبقة الرابعة من شيوخه مثل أصحاب ابن المبارك، وابن عيينة، وابن وهب، والوليد بن مسلم.
– ثم الطبقة الخامسة، وهو محمد بن يحيى الذهلي الذي روى عنه الكثير ويدلسه ، ومحمد بن عبد الله المحرمي، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، وهؤلاء هم من أقرانه.
. كان له بعيد الهمة في تحري صحيح الأحاديث، جاب من أجلها الأمصار وكابد الأخطار، ولذلك لم يتل في الإسلام مؤلف حظ كتابه من الشيوع والانتشار، ولم يحظ مؤلف بمثل ما حظي به البخاري من الإعجاب والاشتهار.
مراتب مشايخه:
. قال محمد بن حاتم: قال البخاري: كتبتُ عن ألف وثمانين نفسًا ليس فيهم إلا صاحب حديث.
. قال الحافظ: وينحصرون في خمس طبقات:
الطبقة الأولى: «من حدثه عن التابعين» مثل: محمد بن عبد الله الأنصاري، ومكي بن إبراهيم، وعبيد الله بن موسى. الطبقة الثانية: من كان في عصر هؤلاء، لكن لم يسمع من ثقات التابعين، كادم بن أبي إياس، وأبي مسهر، وسعيد بن أبي مريم. الطبقة الثالثة: دهي الوسطى من مشايخه، وهم من لم يلق التابعين، بل أخذ عن كبار تبع الأتباع كسليمان بن حرب، وقتيبة، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة. وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم.) الطبقة الرابعة: «رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلا كمحمد بن يحيى الذهلي وأبي حاتم الرازي، وعبد بن حميد، وأحمد بن النضر. (وإنما
يخرج عن هؤلاء ما فاته عن مشايفه أو ما لم يجده عند غيرهم.)
الطبقة الخامسة: «قوم في عداد طلبته في السن والإسناد، سمع منهم للفائدة، كعبد الله بن حماد الأملي، وحسين بن محمد القباني. (وقد روى عنهم أشياء بسيرة وعمل في الرواية عنهم بما روي عنه نفسه البخاري أنه قال: لا يكون الحدث كاملا حتى يكتب. فوقه و هو مثله وعمن هو دونه.)
تلامذته ورواة كتبه:
ذكر الفريري أنه سمعه [الجامع الصحيح) منه تسعون ألف رجل.
فين رواة الجامع الصحيح عنه: إبراهيم بن معقل النسفي وحماد بن شاكر النسوي ومحمد بن يوسف الفربري وأبو طلحة منصور بن محمد البزدوي. . ومن رواة كتبه الأخرى: أحمد بن محمد بن الجليل البزار، ومحمود بن إسحاق الخزاعي، ومحمد بن دلويه الوراق، وأبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس، وأبو الحسن محمد بن سهل النسوي، وعبد الله بن أحمد بن عبد السلام الخفاف، وزنجويه بن محمد اللباد، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الأشقر، ويوسف بن ريحان بن عبد الصمد، وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي، وأبو جعفر شيخ بن سعيد، وآدم بن موسى الخواري، ومهيب ابن سليم، وأبو محمد عبد الله بن الشرقي.
. وممن روى عنه من مشايخه: عبد الله بن محمد المسندي، وعبد الله بن منير، وإسحاق بن أحمد السرماري، ومحمد بن خلف بن قتيبة ونحوهم. . ومن أقرانه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وإبراهيم الحربي وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون الجمال، ومحمد بن عبد الله بن مطين، وإسحاق بن أحمد بن زيرك الفارسي، ومحمد بن قتيبة البخاري، وأبو بكر الأعين.
ومن الكبار الأخذين عنه من الحفاظ: صالح بن محمد الملقب بـ جزرة، ومسلم بن الحجاج، وأبو الفضل أحمد بن سلمة، وأبو بكر بن إسحاق ابن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، وأبو عبد الرحمن النسائي (وروى أيضا عن رجل عنه)، وأبو عيسى الترمذي (وتلمذ له وأكثر من الاعتماد عليه)، وعمر بن محمد البحيري، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وأبو بكر البزار وحسين بن محمد القباني، ويعقوب بن يوسف بن الأخرم، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وسهل بن شاذويه البخاري، وعبيد الله بن واصل، والقاسم بن زكريا المطرز، وأبو قريش محمد بن جمعة، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي، وإبراهيم بن موسى الجويري، وعلي بن العباس التابعي، وأبو حامد الأعمش، وأبو بكر أحمد بن محمد بن صدقة البغدادي، وإسحاق بن داود الصواف وحاشد بن إسماعيل البخاري، ومحمد بن عبد الله بن الجنيد، ومحمد بن موسى النهرتيري، وجعفر بن محمد النيسابوري، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو القاسم البغوي، وأبو محمد بن صاعد، ومحمد بن هارون الحضرمي، والحسين بن إسماعيل المحاملي البغدادي (وهو آخر من حدث عنه ببغداد).
ورعه وعشرته:
قال الحاكم: كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليال بختمة. وقال بكر بن منير : سمعت أبا عبد الله البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبتُ أحدًا.
صدق ، ومن نظر في كلامه في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس وإنصافه فيمن يُضعفه؛ فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا، وقل أن يقول: فلان كذاب، أو كان يضع الحديث. حتى إنه قال: إذا قلتُ: فلان في حديثه نظرا فهو منهم واه. وهذا معنى قوله: «لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا»، وهذا هو والله غاية الورع.
وقال محمد بن أبي حاتم: دعي محمد بن إسماعيل إلى بستان بعض أصحابه، فلما صلى بالقوم الظهر قام يتطوع، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت قميصي شيئا؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا، وقد تورم من ذلك جسده، فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أبرك ؟ قال: كنت في سورة فأحببت أن أيتها.
. كان علي بن محمد بن منصور يقول: سمعت أبي يقول: كنا في مجلس أبي عبد الله محمد بن إسماعيل، فرفع إنسان من لحيته قذاة فطرحها على الأرض، قال: فرأيتُ : محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مديده فرفع القذاة من الأرض فأدخلها في كمه، فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها فطرحها على الأرض.
. وقال محمد بن أبي حاتم: ركبنا يوما إلى الرمي ونحن بيربر، فخرج لى الدرب الذي يؤدي إلى القُرْضَة، فجعلنا ترمي، وأصاب سهم أبي عبد الله وتد القنطرة الذي على نهر وراقة، فانشق الويد. فلما رآه أبو عبد الله نزل عن دابته، فأخرج السهم من الوتد وترك الرمي، وقال لنا: ارجعوا، ورجعنا
معه إلى المنزل.
فقال لي: يا أبا جعفر، لي إليك حاجة تقضيها ؟ قلتُ: أمرك طاعةٌ. قال: حاجة مهمة، وهو يتنفس الصعداء، فقال لمن معنا: اذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته، فقلت: أية حاجة هي ؟ قال لي: تضمن قضاءها؟ قلت: نعم، على الرأس والعين قال: ينبغي أن تصير إلى صاحب القنطرة فتقول له: إنا قد أخللنا بالوتد، فتُحِبُّ أن تأذن لنا في إقامة بدله أو تأخذ ثمنه، وتجعلنا في حل مما كان منا.
وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري، فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما كان منك، وقال: جميع ملكي لك الفداء، وإن قلتُ: «نفسي أكون قد كذبتُ، غير أني لم أكن أُحِبُّ أن تحتشمني في وتد أو في ملكي.
فابلغته رسالته فتهلل وجهه واستنار وأظهر سرورًا، وقرأ في ذلك اليوم على الغرباء نحوا من خمس مائة حديث وتصدق بثلاث مائة درهم. . قال: وسمعته يقول لأبي معشر الضرير: اجعلني في حل يا أبا معشر، فقال: من أي شيء؟ قال: رَوَيتُ يومًا حديثا فنظرتُ إليك وقد أُعجبت به وأنت تحرك رأسك ويذك، فتبسمتُ من ذلك. قال: أنت في حل، رحمك الله يا أبا عبد الله.
قال محمد بن أبي حاتم وراقه وكنتُ اشتريت منزلا بتسع مائة وعشرين درهما، فقال: لي إليك حاجةٌ تقضيها؟ قلت: نعم، ونُعمى عين، قال: ينبغي أن تصير إلى نُوح بن أبي شدّاد الصيرفي وتأخذ منه ألف درهم وتحمله إلي. ففعلتُ، فقال لي: خذه إليك فاصرفه في ثمن المنزل، فقلتُ: قد قبلته منك وشكرته. وأقبلنا على الكتابة وكنا في تصنيف الجامع.
فلما كان بعد ساعة قلتُ: عرضت لي حاجةٌ لا أجترئ رفعها إليك. فظن أني طبيعت في الزيادة فقال: لا تحتشمني، وأخبرني بما تحتاج؛ فإني أخاف أن أكون مأخوذاً بسببك. قلت له: كيف؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه …. فذكر حديث سعد وعبد الرحمن. فقلت له: قد جعلتك في حل من جميع ما تقول ووهبتُ لك المال الذي عرضته علي عنيتُ المناصفة، وذلك أنه قال: لي جوار وامرأةٌ، وأنت عزب، فالذي يجب علي أن أناصفك؛ لنستوي في المال وغيره وأربح عليك في ذلك. فقلتُ له: قد فعلت – رحمك الله – أكثر من ذلك إذ أنزلتني من نفسك ما لم تنزل أحدا، وحللت منك محل الولد. ثم حفظ علي حديثي الأول وقال: ما حاجتك؟ قلتُ: تقضيها؟ قال: نعم، وأمر بذلك، قلتُ: هذه الألف، تأمر بقبوله، واصرفه في بعض ما تحتاج إليه، فقبله. وذلك أنه ضمن لي قضاء حاجتي.
ثم جلسنا بعد ذلك بيومين لتصنيف الجامع وكتبنا منه ذلك اليوم شيئًا كثيرًا إلى الظهر ثم صلينا الظهر، وا بر، وأقبلنا على الكتابة من غير أن نكون أكلنا شيئًا قرآني لما كان قُربَ العصرِ شبة القلق المستوحش، فتوهم في ملالا – وإنما كان بي الحصر، غير أني لم أكن أقدر على القيام، وكنتُ أتلوى اهتماما بالحصر – فدخل أبو عبد الله المنزل وأخرج إلي كاغذة فيها ثلاث مائة درهم، وقال: أما إذ لم تقبل ثمن المنزل فينبغي أن تصرف هذا في بعض حوائجك. فجهدني فلم أقبل. ثم كان بعد أيام كتبنا إلى الظهر أيضًا، فناولني عشرين درهما فقال: ينبغي أن تصرف هذه في شراء الخضر ونحو ذلك. فاشتريت بها ما كنتُ أعلم أنه يلائمه، وبعثتُ به إليه، وأتيتُ فقال لي: بيض الله وجهك، ليس فيك حيلة، فلا ينبغي لنا أن نُعني أنفسنا، فقلتُ له: إنك قد جمعت خير الدنيا والآخرة، فأي رجل يبر خادمه بمثل ما تبري، إن كنتُ لا أعرف هذا فلستُ أعرف أكثر منه.
. كان عبد الله بن محمد الصار في يقول: كنتُ عند أبي عبد الله في منزله فجاءته جارية وأرادت دخول المنزل، فعثرت على محبرة بين يديه، فقال لها: كيف تمشين؟ قالت: إذا لم يكن طريق كيف أمشي ؟ فبسط يديه وقال لها: اذهبي ف ، فقد أعتقتك
قال بكر بن منير: كان حمل إلى البخاري يضاعةٌ أنقذها إليه ابنه أحمد، فاجتمع بعض التجار إليه فطلبوها يربح خمسة آلاف درهم فقال: انصرفوا الليلة. فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه البضاعة بربح عشرة آلاف، فقال: إني نويت بيعها للذين أتوا البارحة.
. قال عمر بن حفص الأشقر: كنا مع البخاري بالبصرة نكتب، ففقدناه أيامًا، ثم وجدناه في بيت وهو عريان، وقد نقد ما عنده فجمعنا له الدراهم وكسوناه.
. وقال محمد بن أبي حاتم: سمعت البخاري يقول: خرجت إلى آدم بن أبي إياس فتخلفت عني نفقتي، حتى جعلت أتناول الحشيش، ولا أخبر بذلك أحدا، فلما كان اليوم الثالث أتاني آت لم أعرفه، فناولني صرة دنانير وقال: أنفق على نفسك.
وحكى أبو الحسن يوسف بن أبي ذر البخاري أن محمد بن إسماعيل مرض، فعرضوا ماءه على الأطباء فقالوا: إن هذا الماء يشبه ماء بعض أساقفة النصارى؛ فإنهم لا يأتدمون. فصدقهم محمد بن إسماعيل وقال: لم أقدم منذ أربعين سنة، فسألوه عن علاجه فقالوا : علاجه الآدم، فامتنع حتى ألح عليه المشايخ وأهل العلم فأجابهم إلى أن يأكل مع الخبز سكرة.
قال: وكنا بقزبر وكان أبو عبد الله يبني رباطا مما يلي بخارى، فاجتمع بشر كثيرٌ يُعينونه على ذلك وكان ينقل اللين، فكنتُ أقول له: إنك تكفى
يا أبا عبد الله، فيقول: هذا الذي ينفعنا، ثم أخذ ينقل الزنبرات معه. وكان ذبح لهم بقرة، فلما أدركت القدور دعا الناس إلى الطعام، وكان بها مائة نفس
أو أكثر ولم يكن علم أنه يجتمع ما اجتمع، وكنا أخرجنا معه من قزبر خبزًا بثلاثة دراهم أو أقل، فألقينا بين أيديهم، فأكل جميع من حضر وفضلت أرغفة صالحة، وكان الخبز إذ ذاك خمسة أمناء بدرهم.
محنه و ابتلا آنه:
. وقد مر الإمام البخاري له في حياته بمراحل قاسية من تعب الحياة وشظف العيش والنفي من بلده، بيد أنه كان صابرا شاكرا بما أنعم الله عليه من الموهبة الربانية والملكة الراسخة في العلوم النبوية. فقد ذكر هو نفسه: إن المحدث الكامل ابتلي بأربع : ١ بشماتة الأعداء ٢- وملامة الأصدقاء ٣- وطعن الجهلاء :- وحسد العلماء، فإذا صبر على هذه المحن أكرمه الله تعالى في الدنيا بأربع: -١- بعز القناعة -٢- وبهيبة النفس ٣- وبلذة العلم – وبحياة الأيد.
. وكان واجه له وقائع مريرة حينما ورد نيسابور من بعض مشايخها؛ فإنه لما دخلها استقبله أهلها استقبال الفاتحين. قال مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح لما قدم محمد بن إسماعيل نيسابور ما رأيتُ واليا ولا عالما فعل به أهل نیسابور ما فعلوا به استقبلوه مرحلتين وثلاثة. واستقبله محمد بن يحيى الذهلي شيخ نيسابور وعامة العلماء، فنزل دار البخاريين، فقال لنا محمد بن يحيى: لا تسألوه عن شيء من
الكلام؛ فإنه إن أجاب بخلاف ما نحن فيه وقع بيننا وبينه، ثم شمت بنا كل حروري وكل رافضي وكل جهمي وكل مرجئ بخراسان.
قال: فازدحم الناس على محمد بن إسماعيل، حتى امتلأ السطح والدار، فلما كان اليوم الثاني أو الثالث قام إليه رجل، فسأله عن اللفظ بالقرآن، فأعرض عنه البخاري ولم يجبه، فأعاد الرجل عليه القول فأعرض عنه ثم قال في الثالثة فالتفت إليه البخاري وقال: أفعالنا مخلوقة، وألفاظنا من أفعالنا.
ووقع بينهم اختلاف، فقال بعض الناس: قال: «لفظي بالقرآن مخلوق، وقال بعضهم: لم يقل، حتى تواثبوا، فاجتمع أهل الدار وأخرجوهم. فلما بلغ الخبر محمد بن يحيى الذهلي قال: ألا! من يختلف إلى مجلسه لا يختلف إلينا؛ فانهم كتبوا إلينا من بغداد أنه تكلم في اللفظ ونهيناه فلم ينته، فلا تقربوه ومن يقربه فلا يقربنا، فانقطع عنه أكثر الناس غير مسلم، فقال الذهلي يومًا: ألا من قال باللفظ فلا يحل له أن يحضر مجلسنا، فأخذ مسلم رداءه فوق عمامته وقام على رؤوس الناس، وتبعه أحمد بن سلمة. وظهر الخلل في مجلس الذهلي، فحسده وقال: لا يساكنني هذا الرجل في البلد.
. وهكذا سافر البخاري له مختفياً من نيسابور، وتألم من فعل محمد بن يحيى، وعادت إلى بلده فاستقبله عامة أهل البلد حتى لم يبق مذكور ونثر عليه الدراهم والدنانير، فبقى مدة وكان له حساد في البلد – وعلى قدر فضل المره يكون حساده – فبعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل أن احمل إلي كتاب «الجامع» و «التاريخ» الأسمع منك فقال محمد بن اسماعيل لرسوله : قل له: إني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجه إلى شيء منه فليحضرني في مسجدي أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان فامنعني من المجلس؛ ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أنى لا أكتم العلم. قال فكان سبب الوحشة بينهما.
ثم سأله أن يحضر منزله فيقرأ التاريخ والجامع على أولاده فامتنع من ذلك وقال: لا يسعنى أن أخص بالشماع قوما دون قوم آخرين، فاستعان خالد بحريث بن أبي الورقاء وغيره من أهل بخارى حتى تكلموا في مذهبه فتفاء عن البلد.
. قال إبراهيم بن معقل النسفي رأيتُ محمد بن إسماعيل في اليوم الذي أخرجه فيه من بخارى، فتقدمت إليه فقلت: يا أبا عبد الله، كيف ترى هذا اليوم من اليوم الذي نثر عليك فيه ما نثر ؟ فقال: لا أبالي إذا سلم ديني.
. ودعا على مخالفيه وقال: اللهم أرهم ما قصدوني به في أنفسهم وأولادهم وأهاليهم. قال: فأما خالد فلم يأت عليه إلا أقل من شهر حتى ورد أمر الظاهرية بأن ينادى عليه فنودي عليه وهو على أنان، ثم صار عاقبة أمره إلى الذل والحبس وأما حريث بن أبي الو فإنه ابتلي في أهله فرأى فيها ما يجل عن الوصف وصدق الرسول : اتق دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب
. ومضى البخاري ومضى حساده، وبقي علم البخاري، وسيبقى على مر الدهور والأعصار: (فأما الزيدُ فَيَذْهَبُ جُفَاةٌ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فيمكت في الْأَرْضِ).
وفاته:
. وعلى أثر تلك الحادثة طلبه أهل سمر قند ليكون ضيفًا على مدينتهم، فنزل في طريقها «خرتنك» (قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها)، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، فبلغه أنه قد وقع بينهم بسببه فتنة، فقوم يريدون دخوله وقوم يكرهونه، فضجر ليلة ودعا الله ليلة من الليالي بعد صلاة الليل: اللهم قد ضاقت علي الأرض بما رحبت فاقبضني إليك»، فما تم الشهر حتى قبضه الله.
. وقال عبد الواحد بن آدم الطواويسي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه جماعة من أصحابه، فسلمت عليه فرد علي السلام، فقلت: ما وقوفك يا رسول الله؟ فقال: «أنتظر محمد بن إسماعيل البخاري. فلما كان بعد أيام بلغني موته، فنظرنا فإذا هو قدمات في الساعة التي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فيها .
مكانة الإمام عند أهل العلم:
ونرى من المفيد أن نقتطف هنا شيئًا من آراء العلماء في إمامنا وأقوالهم التي تشهد بمنزلته وعلو كعبه في علم الحديث وفقهه وعبقريته وسعة اطلاعه ونبوغ ذهنه وذاكرته، فإنما يعرف الفضل من الناس ذووه:
. قال يحيى بن جعفر البيكندي: لو قدرت أن أزيد في عمر محمد بن إسماعيل من عمري لفعلتُ؛ فإن موتي يكون موت رجل واحد، وموته
ذهاب العلم.
. وقال نعيم بن حماد: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. وقال علي بن المديني: إن محمد بر ن محمد بن إسماعيل لم ير مثل نفسه.
. وقال عمرو بن علي الفلاس: حديث لا يعرفه محمد بن إسماعيل ليس بحديث.
. وقال أبو مصعب الزهري: محمد بن إسماعيل أفقه عندنا وأبصر من أحمد بن حنبل، فقيل له: جاوزت الحد، فقال الرجل: لو أدركت مالكًا
ونظرت إلى وجهه ووجه البخاري لقلت: كلاهما واحد في الفقه والحديث.
. وقال إمام الأئمة أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل. وقال أبو عمار الحسين بن حريث: لا أعلم أني رأيت مثله، كأنه لم يخلق إلا للحديث.
وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي محمد (يعني البخاري) أكيس خلق الله، إنه عقل عن الله ما أمره به ونهى عنه في كتابه وعلى لسان نبيه.
إذا قرأ محمد القرآن شغل قلبه وبصره وسمعه وتفكر في أمثاله وعرف حلاله وحرامه.
. وقال مسلم بن الحجاج للبخاري: لا يبغضك إلا حامد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك.
. وعن أحمد بن حمدون قال: جاء مسلم بن الحجاج إلى البخاري فقبل بين عينيه وقال: دعني أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، و يا طبيب الحديث في علله.
. وقال أبو عيسى الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتأريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل.
. وقال موسى بن هارون الحافظ : لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا آخر مثل محمد بن إسماعيل ما قدروا عليه.